وليد الوصيف
في عصر مبارك كنا نمر بأزمات طاحنة ، ولكنها والحق يقال كانت سرعان ما
تنتهي ، معالجة الأزمات آنذاك ليس معناها قوة الحكومة ، ولا حتى خوفها من الشعب ، ولكنها
كانت أزمات مفتعلة لها غرض محدد بعيد عن ما كان يقال وقتها ، عن أنها أزمات لإلهاء
الشعب عن النظام
وعن السياسة ، فإلهاء الشعب كان لا يحتاج لأزمات في ظل جبروت وزير
الداخلية " حبيب العدلي " ورجاله المنعدمين من الأخلاق والرحمة ، وكان
يكفي الشعب السعي وراء لقمة العيش ومشاهدة مباراة كرة القدم ، إنَّما الأزمات كانت
فقط في عصر مبارك بغرض التربح لرجال أعمال بعينيهم ورجال الحكومات وبالأخص حكومة
" أحمد نظيف " إذن لا يجب أن نظلم حكومة نظيف بالغباء ، بالعكس كانت
حكومة بارعة في لعبة السياسة ولكنها حكومة فاسدة تستطيع التربح من وراء الأزمات
لتنعش اقتصاد حساباتهم الخاصة في بنوك خارج مصر ، وبرغم الفساد الذي كانت مصر تعوم
فيه إلا أننا لم نسمع في عهد مبارك الأب والابن عن أزمة كهرباء ولا أزمة سكر ولا
أزمة غلاء مخيف ولا أزمة أمن ولا أزمة دواء .... إلخ .
كيف كان يسيطر مبارك على كل هذه الأزمات ؟ كيف حقق هذه المعادلة المضلعة ،
مسيرة الحياة بمعدل أقل من اليوم بكثير والمكاسب الشخصية له ولحكوماته ورجال
أعماله بمليارات ؟ لا أظن أن مبارك كان يملك الفانوس السحري ، وإنَّما تمكن في ظل غباء
الكثير من عامة الشعب " سياسياً " في نهب ثروات الشعب ، ونهب مقدرات
البلد وتدمير الموازنة العامة للبلد ، وكان يعلم أن الشعب لا يعنيه سوى المم
" لقمة العيش " وأغلبية عامة الشعب لا يفقهون أهمية الموازنة العامة ولا
يعلمون حتى اسمها .
أما الآن نحن بالفعل نعيش أزمات حقيقية ليست
مفتعلة ، ونثق بأن القيادة أمينة حتى النخاع وأن الحكومة لا تجرؤ على التلاعب ،
ونثق أن عامة الشعب أصبحوا لاعبي سياسة بمهارة عالية ، والشعب أصبح يقظ ومراقب لكل
تحركات الحكومة ، ولكن على نفس المستوى نرى أن الحكومة فاشلة والفشل في ظل هذه
الظروف لا يختلف كثيراً عن الفساد ، كما لو كانت هذه الحكومة تعمل على إفقار الشعب
أكثر من الفقر الذي يعيش فيه ، تحقق مشاريع تنسب لهم وتظل مشاريع تاريخية لا فائدة
منها تعود على المواطن البسيط ، وإن كان لها عائد في الغد البعيد فهذا لا يغفر لهم
تدمير المواطن المطحون الذي يعيش تحت خط الفقر بكثير ، وإذا تجاوزنا هذا الغلاء
وهذه الظروف الاقتصادية لثقتنا في سعي وحسن نية الرئيس " عبد الفتاح السيسي
" فمن الغير مقبول هو التجاوز عن أزمة وغلاء الدواء ، الدواء ليس سلعة ،
الدواء أمن قومي ، الدواء لا يجب أن نحمل أزمته لوزير الصحة وحده ، وإنَّما نحمله
للحكومة بأكملها ، لا شخص طبيعي يستطيع تحمل صداع لساعات ولا ألام ضرس لدقائق ،
فما حال المريض الذي يعاني أمراض مزمنة خطيرة ؟ وما حال مريض يعيش على الأدوية وإن
غابت لحظات عن وقتها المحدد سوف تغيب كل حياته ؟ لذلك نقول الدواء خط أحمر ويجب
توفيره بشتى الطرق ، ولو كانت مصر في ظروف تسمح لطلبنا بتوفير كل الأدوية على نفقة
الدولة فهذا حق لكل مواطن ، ولكننا فقط نقول لابد من توفير الدواء بسعر يناسب
المريض ، قناة السويس والمليون وخمسمائة ألف فدان وخلافهم من المشاريع نعم أمن
قومي والدواء أيضاً أمن قومي ، وإذا أفترض علينا التفضيل لفضلنا حياة المواطن
وتوفير علاجه على كل هذه المشاريع ، مشكلة الدواء ليست بسبب الاقتصاد وتعويم
الجنيه فقط ، وإنَّما السبب يعود لفشل الحكومة بأكملها ، وحتى لو عادت الأسباب على
الاقتصاد فتدهور الاقتصاد نفسه يعود للحكومة ، نعم " المشكلة في الحكومة لا
في الدواء " نصرخ كل لحظة بتفعيل القوانين وتفعيل الرقابة والقضاء على الفساد
والمفسدين ما تحقق إلا المزيد من الفساد والآن يتم القضاء على المرض والمرضى
بالموت البطيء ، أصوات المرضى من خلال برامج التوك شو مؤلمة حقاً مؤلمة اسمعوهم
لعلكم ترحموهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
التعليق على مسؤولية صاحبة