منذ أن طلب الرئيس بتجديد الخطاب الديني وصار هذا النداء هو محور الصحف
والإعلام وأعمدة كُتّاب الرأي ، رغم أن تغيير الخطاب الديني بات مستحيل في ظل وجود
القائمين على الصياغة العشوائية ، أولاً مطلوب تغيير الأشخاص الذين لا يفقهون سوى الجعجعة على الفضائيات وتردد الأحاديث وتفسير الآيات دون فهم ، الكل تمسك بمطلب
الرئيس كما لو كان الخطاب الديني هو سبب ما نحن فيه من إرهاب ، وأنا أظن وليس كل
الظن إثم أن الخطاب الديني مجرد شماعة لما يحدث ، أو مجرد نقطة في بحر الإرهاب ،
بما أن الإرهاب ليس مصري فقط بل صار سمه تتسم بها كل المنطقة والعالم أيضاً .
ما هو الخطاب الديني منذ عشرون عام في مصر وكثير من الدول العربية إلا
وصلة من الدعاء على وإلى ، تارة أدعية للرئيس والحكومة وتارة أدعية على رئيس دولة
أخرى ، والنصف الثاني من الخطبة حديث في السياسة بشكل أو أخر ، ولا مكان ولا وقت
للتنوير والأحاديث الصحيحة وقصص الأنبياء ، دائماً أشعر في الخطبة بروح الندوة
السياسية ، في معظم خطب يوم الجمعة أرى بعض المصلين الكبار في السن نائمين في
انتظار الآذان ، والأطفال يحدثون ضجيج وكأنهم في نادي ترفيهي ، والشباب يأتي قبل
نهاية الخطبة بلحظات معدودة ، وأصبحت الخطبة بلا معنى واضح للعامة ، ليت الخطباء
يتعلمون أسلوب الخطابة من السيد حسن راتب رئيس قناة المحور ، الذي أبهرني في
الندوة المقامة لمولد سيد الخلق ، أراه كان يخطب في الناس كا خطيب مفوه .
لا أقلل من أهمية تجديد الخطاب الديني وإنما لا أحمله ما هو ليس سبب فيه
، 90 مليون نسمة يستمعون الخطبة ، كم نسبة الضالين الإرهابيين ؟ فهي بالطبع لا
تذكر ، الإرهابي له خطيب خاص يلقي عليه في أماكن مختصة وبطرق ما أنزل بها الله من
سلطان ، وهي طريقة غسل العقول وتفسير الأحاديث والآيات بشكل مغلوط مستغلين في ذلك
جهل المتلقي ، وهذا الجهل هو الطامة الكبرى، ولذلك الحل في التنوير والمعرفة .
الدكتور : وسيم السيسي في كل لقاءاته وكل مقالاته يصرخ منذ سنوات طويلة
في الحكومة والشعب بأهمية المعرفة ، والجميع ودن من طين وأخرى من عجين ، هذا الرجل
العبقري الذي لا تستفيد منه البلد بفضل تجاهل الحكومة لأرائه بشكل كما لو كان
مقصود ، بشكل يشعرني أنهم لا يبحثون عن حل ولا عن الخروج من الأزمة كما لو كانوا
هم زراع للقوة الخارجية التي تسعى لتدمير العالم العربي ، الرجل قال بالنص " الإرهاب
لا يُهزم إلا بالمعرفة " وهذه هي مهمتنا ومهمة الإعلام الذي لا يضيف شيء نافع في هذا
التوقيت الصعب ، قال الشعوب تُهلك من قلة المعرفة ، قال المعرفة قوة ولابد من
التنوير وتعريف التنوير هو إضاءة المساحات المظلمة في العقل الجمعي في شتى
المجالات سياسي ، تاريخي ، ديني ...إلخ .
لابد من العلم والمعرفة " من لا معلومات عنده
لا رأي سليم عنده " والمعلومات يجب أن تتصف بالصحة والشمولية والدقة والتكامل
والحداثة ، في مصر القديمة كانوا يقولوا " العلم هو غاية الإيمان بالله ، والجهل
هو غاية الكفر به " إذن الأهم من تجديد الخطاب الديني هو ، تجديد الخطاب
الإعلامي تجديد خريطة البرامج التليفزيونية المشغولة بالراقصة س والمطرب ص وأمور
فردية في غاية التفاهة تشغلنا عن قضيانا المصيرية ، التنوير هو الدور المنوط به
الإعلام لا غيره ، ولا ننس مقولة الرائع يوسف إدريس " أعطني تليفزيون لمدة
عامان أعملكم شعب جديد " وبالفعل التليفزيون بكل أسف في أيام صنع لنا شعب هش
ضائع بين السلاح والمخدرات والانحطاط ، تنقية هذا الجهاز المهم الذي يبث لنا الجهل
والتخلف هو الأهم ودائماً الأهم يأتي قبل المهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
التعليق على مسؤولية صاحبة