الأخبار

11 ديسمبر 2016

وليد الوصيف يكتب : خريج التوك توك ، كلام في الصميم

وليد الوصيف .

بعيداً عن كل المُهاترات التي تتردد في جميع وسائل الإعلام ، من أن خريج التوك توك إخواني مأجور مُتعمد ضرب الإستقرار ، وإشعال الفتنه في الشارع المصري ، وبعيداً عن ما قيل في حق عمرو الليثي ، يجب أن نعترف بأن المدعو مصطفى ( خريج التوك توك ) استطاع جذب الغالبية العظمة من هذا الشعب العاطفي الذي يُقَدِّم دائماً قلبه على عقله في كل شيء ، حتى في السياسة التي تحتاج إلى العقل أكثر ، وإلى ثقافة من نوع خاص وإلمام بشئون الوطن والبلاد العربية والعالم بأكمله ،
نعم كل ما تقدم به هذا الرجل صحيح ، والقاسي والداني يلمس كل ما نطق به ويعلمه ، ومن ثمَّ الكل تجاوب معه ، نعم تحدث هذا الرجل بلسان حال الشعب ، وأستطيع من هذا المنبر أن أضيف على ما تقدم به بعشرات بل بمئات الإخفاقات ، أستطيع أن أتحدث في كُتب عن الزراعة والفلاح المصري قديماً وحديثاً وسوف نكتشف أن المقارنة مُشينه ، عن التعليم ، الأخلاق ، الأدب المعاصر ، الشعر ، المصانع ، المحامين ، المعلمين ، الأطباء ، الإعلاميين ، الفنانين وكل المجالات على أرض هذا الوطن ، ولكن !!! من هو السبب الرئيسي في كل ما وصل له هذا البلد ؟ في كام سنه من الفساد وصلنا إلى هذه الحالة المُزرية ؟ نعم : كما يظن الكثير أنا أقصد مُبارك ورجاله ، ولكن لكي أكون منصف لابد وأن أقر بأن مُبارك كان جزء من منظومة الفساد ، ومرسي كان جزء من نفس المنظومة ، وإنَّما الجزء الأكبر كان الشعب الذي قبل الذل والإهانة عشرات السنين ، الشعب الذي قبل أن يتصبب العرق لغيره ، الشعب الذي تمزقت فيه كل خيوط الرحمة والحب والضمير بسبب اللهث وراء لقمة العيش ، الشعب الذي اختار الغربة طوق نجاه من أجل مروحة وكاست ، الشعب الذي ساهم بشكل ضخم في انهيار الإقتصاد المصري بشكل غير مُتعمد بكل تأكيد . كل ما وصلنا له من مشاكل كان الإقتصاد فيها هو السبب الأعظم , ولذا السؤال المهم هو ، كيف انهار الإقتصاد الذي هو سبب كل الانهيارات من صحة وتعليم وزراعة وتجارة .... الخ ؟ في الإجابة على هذا السؤال رد على مصطفى ( خريج التوك توك ) كنا بلد زراعي مشغول بالإنتاج وفي غفلة وقع هذا البلد في يد مجموعه من اللصوص ( رجال الأعمال ) وقاموا هم في غفلة من الشعب بتحويل البلد المنتج المُصدر إلى بلد مستورد ، وجاء الاستيراد ليساهم في تضخم البطالة ، كنا بلد بسيط لا يسمع غير أم كلثوم من خلال الراديو وعندما دخل التلفاز بيوتنا كان يشغل فراغ أهل البيت بالبهجة من خلال القناة الأولى والثانية بما يسمى ( الإريال ) وكان المواطن لا يعرف غير أم كلثوم وعبد الوهاب وبعض الأفلام والمسلسلات الأبيض والأسود وبعض اللقاءات الثقافية مع عمالقة الفن والأدب ، إلى أن وصل الدش وبرامج التوك شو وأفلام السبكي وأغنيات مُلوثين السمع والبصر والذوق العام إلى أفلام الإدمان والسب والعنف والأسلحة البيضاء مروراً بالراقصات العاريات ... الخ ثم من بعد الموبايل والإنترنت وكل أنواع التكنولوجيا المكلفة والمدمرة للإقتصاد والأخلاق ما دامت تُستخدم بشكل غير صحيح ، تحولت بيوت الطوب اللبني إلى قصور وأبراج وحمامات سباحه مهمتها إهدار المياه وحرمان الأراضي الزراعية من حصتها ، أصبحت كل غرفة في كل منزل غير صالحة للمعيشة دون المكيف الكهربائي ، باختصار شديد حمَّلنا أنفسنا مالا طاقة لنا به ، استخدمنا كل ما هو مستورد وتركنا كل ما هو مختوم بكلمة (صنع في مصر) حتى ولو كانت جودة المستورد أقل ، حمَّلنا كل رئيس وكل حكومة ما هو فوق طاقتها ، تعلَّمنا السهر طوال الليل والنوم طوال النَّهار ، أصبح الشباب قادر على الاستغناء عن رغيف العيش وغير قادر على ترك علبة الدخان ، الذي ارتفع سعرها بفضلنا ، فهل هناك رئيس على كوكب الأرض يستطيع أن يصلح ما أفسده شعب بأكمله ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

التعليق على مسؤولية صاحبة